أصابع ذهبية.. «عبدالرحمن» يواجه «التوحد» بالسباحة والفن التشكيلي| فيديو وصور

عبدالرحمن محمد شوقي
عبدالرحمن محمد شوقي

منذ مولد عبد الرحمن وهو في تحدى من نوع خاص، في كل مجال يدخل فيه يسعى لإثبات نفسه، ويكسر حواجز الفشل الواحدة تلو الأخرى، لا يعرف المستحيل ومنذ نعومة أظافره وهو يحقق نجاحات باهرة، سواء كان فى مجال الرياضة وممارسته للسباحة لعبته المفضلة، أو مع الفن التشكيلي وألوانه ولوحاته وهو عشقه الأبدي، أو مع الكمبيوتر وإجادته التعامل معه وإتقانه العديد من البرامج، وهو هوايته، بل أنه أتقن كتابة الرسائل العلمية وبمفرده. 

                                            مواجهة الصدمة

بتلك الكلمات بدأت عبير عز الدين، والدة عبد الرحمن في سرد قصة تألق نجلها فى ميادين عدة، اجتازها وتخطى صعابها وحواجزها بالصبر والعزيمة، وأولها أنه مختلف عن غيره فى نظر المجتمع، مسترسلة بقولها: «اكتشفت أن عبدالرحمن، أنه غير طبيعى بعد مرور عامين من ولادته، وخاصة أنه لديه اخت تؤام ومتأخر عنها فى جميع الصفات، لحدوث مشكلة أثناء الولادة نتج عنها تأخر ذهني وسمات توحد، وبعدما علمت أنه من أصحاب هذا الطيف، وهو أحد انواع الإعاقات الذهنية.. 

وتابعت: "ابتديت أدور على التشخيص الصحيح، وبعد الصدمة وفترة رفض الواقع، وابتديت أتحدى كل الظروف"، ووضعت لنفسي هدف إنى أقهر الإعاقة وبكل قوة، وأبحث عن أماكن للتدخل المبكر، وجلسات في كل المجالات، وعزمت على أن لا أدخر جهداً أو مالاً فى رعايته، وتجاوز أى محن مهما كلفنى الأمر، وبدأت بملاحظة قدراته ومهاراته ولاحظت إنه ذكي جداً و"بيتعلم بسرعة ولماح بشكل غير طبيعي" وتكمن مشاكله فى كثرة الحركة لديه، والطاقة الزائدة عن المعدل الطبيعى، ووجهت هذه النقطة إلى ممارسة الرياضة وخاصة السباحة وألعاب القوى من عمر 3 سنوات، وتلى ذلك صعوبة الإلتحاق بالمدارس العامة أو ما يطلق عليها الحكومية، وعانينا كأسرة فى قبوله حتى تم الالتحاق بأحد المدارس الخاصة، وأبهرنا بنجاحه وتميزه فى الدراسة، إلى أن وصل لإحتلال المركز الأول على إدارته فى المرحلة الإعدادية، وطوال فترة دراسته وجدته يميل للرسم ويجيده".

                                                 مشوار الرسم

وأكملت والدة عبد الرحمن: "كنت مشيت مشوار معاه في الرسم كبير ويتميز برسم أى شيئ يراه من أول مرة، أو يستدعيه من ذاكرته أو خياله" ورفضت أن يلتحق بمدارس الثانوى العام، وصممت أن يلتحق  بالتعليم الفني، وكانت المشكلة أن صفوف التعليم الفنى لا تقبل طلبة من ذوى الإعاقة، خاطبت وزير التربية والتعليم وقتها وأرسلت له برقيات متعددة ومراسلات عديدة،  لفتح التعليم الفني لذوي الإعاقة وبعدها بأسبوعين تم إصدار قرار بفتح التعليم الفني للدمج، وكانت فرحة ما بعدها فرحة، وأصبح نجلى اول طالب يلتحق بمدارس التعليم الفنى من الأشخاص ذوى الإعاقة، "واصريت على دخوله قسم زخرفة لموهبته الكبيرة فى هذا الفن،  وظهرت معاناة أخرى وهى رفض  المدرسة بكل من فيها لالتحاقه بهذا القسم، وعدم اقتناع الجميع بدخول حالة مثل عبدالرحمن ودراسته بالقسم، وتحديت كل من فى المدرسة على  موهبة نجلى، وتفاجأت برد فعلهم فيما بعد عندما قالوا: إنها موهبة غير عادية، وبدأ التنافس بين المدرسين على إشتراك عبد الرحمن في المسابقات الفنية التى تقام على كافة المستويات، سواء كانت إقليمية أو على الجمهورية، وكانت مسابقات الرسم فيها على الهواء مباشرة "لايف"، و أمام الجميع والفضل لله كان يحرز المركز الاول دائما، وحصل  على دبلوم الزخرفة".

                                                    معارض افتراضية 

وارتسمت على ملامح وجهها علامات الفخر والسعادة عندما ذكرت نجاحات عبدالرحمن قائلة: فى مجال الفن التشكيلى شارك في 12 معرضً، مع مشاهير الفنانين وهم من غير ذوى الإعاقة، كما أنه شارك في معارض افتراضية دولية مع فنانين من جميع أنحاء العالم، وتم تكريمه في كل المعارض لتميزه البالغ. ولديه الآن أكثر من 12 لوحة زيتية بجانب العشرات من لوحات على الكرتون، وكل لوحة موثقة بفيديو كامل لمراحل رسم الصورة كتوثيق لرسمة اللوحة، ويستغرق رسم اللوحة الزيتية أكثر من 8 ساعات متقطعة على مدار الأسبوع، أما اللوحة العادية فيكون وقتها أقل بكثير. 

وفي الرياضة فهو بطل الجمهورية في السباحة على مدار 15 عاماً، وحصد ما لايقل عن 55 ميدالية ذهبية، وبالإضافة لذلك فهو يتميز ايضاً بإجادته التعامل مع  الكمبيوتر والبرمجة، وحصل على  كورسات في كل مجالاته، ويتقن برامج  Windows ،Word ،Power point ،Typing، "ووصل إنه يصمم برامج واعلانات ويقوم بكتابة رسائل علمية بمفرده"، ويستطيع أن ينظم وقته ويومه ما بين تدريبات السباحة و"الفتنس" أو "الجيم"، ومابين ذهابه للمرسم لقضاء وقته مع عشقه فى الرسم والفن التشكيلى، أو الذهاب إلى المعارض.

                                                        مواقف صعبة

وبدأ الإنزعاج يختلط على حروفها ونظرات عينيها عندما أشارت إلى المواقف الصعبة التى يتعرض لها نجلها بقولها: "شكله طبيعي ومش باين عليه أنه من ذوي الهمم، ودة بيسبب لنا مشكلات كتيرة في الشارع وبين الناس، وخاصة فى من لا يعرفونه، فهو معروف فى منطقته بالإسكندرية بين الناس، أما من لا يعرفه بيتعاملوا معاه كأي شاب عادي، مما تحصل معه بعض الازمات أو تنمر"، ونستغلها فرصة لشرح وتوضيح حالته، وأنه من القادرون بإختلاف وموهوب ومبدع فى مجالات عديدة.

                                                     جوائز عديدة

ويلتقط أطراف الحديث محمد شوقى والد عبد الرحمن، موجهاً الشكر والعرفان لزوجته على جهدها مع نجلهما قائلاً: "لا تكل ولا تمل ومعه أينما كان وفى كل مكان، ولا تنظر لتعبها او معاناتها الصحية فى بعض الاحيان، وإنما هدفها دائما السعى مع عبد الرحمن وتحقيق النجاح، ومنها نستمد القوة وبها نعرف معنى العزيمة والفلاح".

وأضاف أن «عبد الرحمن» يسعد كثيراً بعد الانتهاء من رسم لوحاته، ويكون أول عمل له هو التصوير مع لوحاته، وينزل اللوحة على مواقع التواصل الاجتماعى ويكون حريص على متابعة الردود عليها وقراءة كل التعليقات.

وأكد أن «عبد الرحمن» العديد من الجوائز عن بعض اعماله الفنية، ومنها إحدى اللوحات التى شارك فى رسمها مع العديد من الفنانيين التشكيليين وتم عرضها على جدران الأمم المتحدة، كما شارك فى بعض المعارض الفنية، وأشاد النقاد بموهبته وهو يعد من القلائل من الموهوبين فى مجال الفن التشكيلى من ذوى الإعاقة الذهنية، وخاصة من المبدعين من اصحاب سمات التوحد.